
قيود المثقف والمبادئ الاجتماعية
«يبقى الإنسان موضوع خطط التنمية ومحورها وهدفها، وارتفاع مستوى معيشة المواطن يجب أن يواكبه تطور قيمي وثقافي واهتمام بالأخلاق»
(من خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى).إيمانًا منّا بما يضطلع به القائم على العمل الثقافيّ من دور هامٍّ في مجتمعه، ذلك من خلال تمثّل الواقع بإيجابياته وسلبياته وما يطرحه من رؤى وأفكار للتعامل مع هذا الواقع، نطرح بين أيديكم بعضًا من المقترحات للميثاق المهنيّ، التي تتضمن الالتزامات الأخلاقيّة التي يجب على القائمين بالعمل الثقافي التقيد بها.
إن القيم والمبادئ التي يلتزم بها المواطن المثقف هي أهم الأمور التي يجب أن نسلّط عليها الضوء، لأنّ المثقف يمثّل وطنه، وقلمه يحكي لنا ما تأسس عليه في هذا الوطن، ورأيه يشرح لنا صورة هويّته، كما يعدّ المثقّف متحدّثًا باسم دولته على وسائل التواصل الاجتماعي المحليّ والدولي، أي إنّه ظاهرة بارزة سواء كان مع الوطن أو ضده.
إن تطويرالقيم والمبادئ وفق الدين والقيم والأعراف المجتمعية يعد تحديا واضحا للمثقف أمام الانفتاح الكبير، الذي يشهده العالم في هذا اليوم، فالعالم بجلّه أصبح وكأنّه حيّ صغير، فالجميع يعرف بعضه البعض من خلال الشبكة العنكبوتية، والتواصل الاجتماعيّ، والتطور التكنولوجيّ، وسهولة السفر والترحال، فكيف للمثقف أن يحصن نفسه من هذا الاختلاط وفق معايير المجتمع الذي نشأ فيه؟ ومن هنا يجب على المثقف أن يجاري تطورات الزمن أمام مجتمعه من خلال:
توعية المجتمع: عن طريق إيضاح المتغيّرات والتحولات الثقافية التي يمرّ بها المجتمع، مع رسم خارطة طريق توضّح كيفية استيعاب هذه التحولات، وتحديد السبل والآليات المثلى للتعامل معها بما يخدم صالح المجتمع وأفراده.
تطوير القضايا اليومية: بالتفاعل مع القضايا المجتمعية، وابتكار حلول للتعامل معها يتعرّف على احتياجاتها وإمكانيتها والطاقة الكامنة فيها، ويعمل بعد ذلك على أن يوازن بين الإمكانيات والاحتياجات وفقا لأولوية ترتيبها فلا يستهلك طاقات وموارد غير لازمة فتضيع هدرا في غير مكانها.
ترسيخ الثقافة لدى مكونات المجتمع: بعد أن سلّمنا بأهمية دور القائم على العمل الثقافي، في توعية أبناء مجتمعه والتعاطي مع قضاياهم فكرا وحركة، يجب أن نركّز على الدور الآخر والذي لا يقلّ أهميّة عن الدور الأوّل؛ إذ يجدر بالقائم بالعمل الثقافي السعي نحوه والحرص عليه، وهو الإسهام في نشر الثقافة وإشاعة الحس الفني، والثقافي، مع الأخذ بعين الاعتبار معطيات مجتمعه وعصره من القيم والسلوكيات والبعد عن التقليد والمحاكات إلّا بعد تبصر ورؤية.
ترشيد الاستفادة من الثقافات الأخرى: وتقضي هذه المهمة بأن يحرص القائم بالعمل الثقافي، إذ انفتح مجتمعه على تجارب الآخرين وثقافاتهم ورؤاهم، أن يجمع بين أمرين أولهما: «العمل على تعظيم سبل الاستفادة من تلك الثقافات عملا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم «الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها»، والآخر يكون في: «تحصين المجتمع ضد ما قد يهدد هويته الذاتية وخصوصيته الثقافية».
ومن هنا نتطلع إلى الجملة الإنسيابية بين المثقف والمجتمع .
فمما لا شك فيه أنّ قطر بأمسّ الحاجة الى الكوادر الوطنية في مختلف المجالات باعتبارها الكفيل الأكثر أهمية لما تنشده قطر من الاستجابة إلى حاجات الجيل الحالي والأجيال القادمة وتحقيق نمو مستهدف ومستدام.

0 تعليقات