قطر قصة القيادة والسيادة والريادة ... والفخر

 



قطر قصة القيادة والسيادة والريادة ... والفخر

يتجلى دور الإسلام في تحقيق السلام العالمي بتعزيز التعايش السلمي بين الناس، ونشر قيمة التراحم، ونبذ العنف والاعتداء بكل أشكاله، إضافة الى نشر ثقافة الحوار الهادف بين الأديان والثقافات على اختلافها، وذلك بغية تحقيق السلام لجميع المجتمعات الإنسانية.
إن السلام على الأرض هو مفهوم الحالة المثالية للسعادة والحرية، على مستوى الكرة الأرضية ككل، بالنظر الى الكرة الأرضية نجدها تتكون من ماء ويابس، ويغلب الماء في حجمه على اليابس، ولكن لم يمنع ذلك التواصل الانساني، أو يقيده بل زاده وطوره، لم يكن هناك حدود دولية حين خلق الله الكرة الأرضية بيابسها ومائها، بل تقسيماتها جاءت وليدة الإنسان منذ القدم، حيث قام بتقسيم الأراضي اليابسة بها الى دول ودويلات، وتملك الحكم فقسم الشعوب طبقات، واستولى على البحار، وبنى السدود، ومن هذا المنطلق نرى أن تقدم الدول وتأخرها يعتمد على رؤية قياداتها وحكامها، الأمر الذي يدعو كل مفكر أن يتساءل هل هو بخير؟ وهل العالم أجمع بخير؟.
إن الإنسانية اليوم تتطور في ظل حضارة عالمية واحدة تتميز بالتعدد الثقافي ولا يمكن الحديث عن صراع بين الحضارات، فالعالم يتجه لكي يصبح موحد الحضارة في ظل ثقافات متعددة، تتفاعل وتتجاور فيما بينها بشكل يومي.

وبناء علی تلك المعطیات عملت دولة قطر کدولة صاحبة سیادة ومكانة في العالم علی تعزیز ثقافة السلام داخلیا وخارجیا، لما له من دور بارز في تقویة ثقافة الحوار وتكامل الحضارات، وتوفیر المناخ الصالح لإقامة معايير الأمن والسلام والتنمية، وتحقيق الصالح العام للمجتمع الدولي. فتنطلق جهود دولة قطر من خلال إيمانها العميق بأن ثقافة الحوار، والطرق السلمية هي السبيل الوحید لحل النزاعات، وقد نالت ثناء من الأمم المتحدة لدعمها المستمر لمشروعات السلام والتنمية في العالم.

تقوم دولة قطر من الناحية السياسية بدور إصلاحي بين العديد من الدول التي تنشأ بينها نزاعات؛ فنجحت في إبرام العديد من الاتفاقيات لإحلال السلام في تلك الدول، كما تحرص دولة قطر باستمرار على حماية المجتمعات من مخاطر الإرهاب، وإنهاء النزاعات المسلحة، نرى ذلك واضحا حين ساهمت في تمويل البرنامج العالمي لتنفيذ اعلان الدوحة خدمة للسلام والتنمية في العالم (في اتفاقية وقعتها سنة 2015)، وذلك لتعزيز قدرات الدول النامية، وبالأخص مكافحة الجريمة المنظمة، وما يرتبط بها من جرائم المخدرات والإرهاب والفساد وتحصين الشباب في قطر والعالم الأجمع.
إن المجتمعات التي تفتقر الى الرفاهية لا تحقق الغايات الكبرى لشعبها، إن اغفال عنصر التنمية يجعل موضوع الديمقراطية في مهب الريح، إذ إن السلم والتنمية الديمقراطية توءمان، فالسلم شرط أساسي لعمليات التنمية، والديمقراطية ضرورية لاستدامة عملية التنمية.

تقوم الأهداف العامة للتنمية المستدامة والشاملة على القضاء على عدة أمور لو قامت بإزالتها أو ساهمت في انهاء تأثيرها فعلا من خريطة العالم، لعاش العالم أجمع وشعوبه في أمان تام، إن الفقر الذي يعاني منه البشر لا يمثل فقط قلة الدخل، بل يجسد أيضا في افتقارهم الى التعليم أو الرعاية الصحية أو حرمانهم من الكرامة والمشاركة في مجتمعهم المحلي.
اعتبرت الحكومات في شتى أنحاء العالم ما سبق محاور مهمة بدرجة جعلتها ترى أنها مسلمات من حقوق الانسان، وواجبة للشعوب، سواء في القانون الوطني أو القانون الدولي، ولذلك فإن السعي الى التنمية البشرية ليس عملا خيرا، بل هو عمل يتعلق بتهيئة بيئة تمكين للعيش بكرامة للناس، حتى يمارسوا خياراتهم التي تشمل حقوقهم المدنية، والاقتصادية، والاجتماعية.

إن ادماج مفاهيم حقوق الانسان في سياسات وبرامج التنمية هو من أهم برامج الأمم المتحدة المتجهة في حقوق الانسان، وبناء علی ذکر ما فات ستبقى قطر ملهمة وقادرة على تحقيق الإنجازات العملاقة في ترسيخ مكانتها كقوة عالمية فاعلة في مختلف المجالات، وعلی رأسها موضوعات حقوق الانسان وکرامته والعیش الكریم والتنمیة البشریة، خاصة أنها تحفل بكل المقومات التي تمكنها من الریادة والعالمیة.
الآن دعونا نحلل ما سبق في ضوء ملفات الأمم المتحدة الواردة من مشاريع دعمت ملفاتها، والسؤال هنا: لماذا يجب أن ندمج مفاهيم حقوق الانسان في سياسات وبرامج التنمية؟.
لقد تعهدت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ووكالاتها بإدراج حقوق الانسان في سياسات وبرامج التنمية؛ فمنذ 1945م استنادا الى المادة رقم 1 من ميثاق الأمم المتحدة اتفقت الدول الأعضاء على تحقيق التعاون الدولي على حل المشكلات الدولية ذات الطابع الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو الانساني، وعلى تعزيز وتشجيع احترام حقوق الانسان، والحريات الأساسية لجميع الأفراد بدون النظر للعرق او الجنس او اللغة او الدين.

أقيمت في التسعينات صلة بين حقوق الانسان والتنمية من جديد بوسائل منها الأمم المتحدة عام 1997 بالتحديد حيث دعا الأمين العام "كوفي عنان" لذلك في خطته لإصلاح الأمم المتحدة، وأعربت الدول الأعضاء سنة 2000 عن احترامها جميع حقوق الانسان، ومنذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا يتم ادماج مفاهيم حقوق الانسان في برامج التنمية الشاملة للدول الأعضاء، ويساهم ذلك قدما في تحقيق التقدم التام للتنمية البشرية، والتي تعتمد في قنواتها عبر برامج الأمم المتحدة على تحقیق الرفاهیة، والتمكين والعدل.
ولبرامج حقوق الانسان معايير تتضمنها (الإتاحة وإمكانية الوصول، والنوعية) ومفاد ذلك اتاحة المرافق والسلع والخدمات على الوجه المطلوب، وامكانية الوصول بمعنى وصولها لكافة شرائح المجتمع، والنوعية تعني ان تكون المرافق ملائمة ثقافيا لكل الشرائح السكانية ايضا.

إن ما ينطبق على الدول ينطبق على الأفراد، فلكل منا مفهومه الخاص عن السعادة، والجميع يريد الحصول عليها، وقد تعني للبعض الحصول المادي والمعنوي على الأشياء التي لا يملكها، وبسبب الضغط الشديد والإيمان بقيمة هذه الأشياء، تبدأ حياتنا فعلا، لكننا لا نتحكم بكل شيء فيها، من بدايتها الى نهايتها. ولكن هناك اختلاف لدى كل انسان في مفهومه الخاص عنها، فقد يرى البعض أن السعادة تكمن في الأخذ، في حين قد يراها البعض متمثلة في العطاء، ومساعدة الآخرين ماديا ومعنويا.
وما ينطبق على الأفراد ينطبق على الدول في قراراتها، إن معرفة أحوال الشعوب، ومراعاة ظروفها، وتحقيق مآربها في شتى المجالات على المستويين المادي والمعنوي، هو من أسمى علامات الخلق القويم، ويدل ذلك على النظرة الثاقبة والحكمة الرشیدة وجودة النظر في سياسة الأمور، وحسن التصرف يأتي بحسن العواقب، ومما يزيد من اكتساب الأخلاق الرفيعة لأبناء هذه الدول، باعتبار قيادتها الرشيدة قدوة، وتصل بطيب أخلاقها الى قلوب بقية الدول قادة وشعوبا.
يقول الشاعر ابن عبد البر؛ يوسف بن عبد الله بن محمد (بهجة المجالس وأنس المجالس):
وإذا أحب الله يوما عبده * ألقى عليه محبة في الناس
وأنا أقول:
وإذا أحب الله يوما أمرَ دولة * ألقى عليها المحبة في باقي الدول

تؤتي الخير آمالٌ بكل جولة * كأنها الزهرُ في ضوء يشع به الأملِ 

إرسال تعليق

0 تعليقات