قطر الوفاءُ والنماءُ والامانُ والأملُ

 


قطر الوفاءُ والنماءُ والامانُ والأملُ

كرم الإسلام المرأة وأعطاها مرتبة عالية من الكرامة الإنسانية؛ حيث ساوى بينها وبين الرجل في التكليف بالعقائد والشرائع وفي الجزاء والثواب، وبالرغم من أن لها بعض الخصوصيات التي تختلف بها عن الرجل؛ حيث إن الغاية من هذا الاختلاف هو إقامة الحياة، يقول عز وجل في كتابه « والْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ".( التوبة: 71).
فقد لعبت المرأة العربية والمسلمة منذ بزوغ فجر الإسلام، وإلی یومنا هذا أدواراً مهمة في مختلف المجالات، وقيامها بأدوار سياسية، ودفاعیة؛ وزراعیة، واقتصادية؛ وشرعية، وتعليمية؛ وطبية مما أسهم في کثیر من نواحي الحیاة العلمیة، والأدبیة؛ والفكریة التي دعمت بقوة تعزیز الصرح الحضاري للأمة الإسلامیة.

جاءت حقوق المرأة في التشريعات الدولية، ومواثيق حقوق الإنسان، انسجاماً مع إقرار مبدأ المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات، وعودة إلى موضوع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ والتي جاء مطلعها على إيمان الدول التي صادقت بمبدأ المساواة بين الرجال والنساء (تؤكد من جديد على إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد، وقدره، وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها، وصغيرها من حقوق متساوية).
لا يمكن لأي منظمة كانت أن تفهم واقع حقوق المرأة إلا إذا استعرضت جملة من الحقوق، والمؤشرات التي لها مساس بحياة المرأة نفسها، وبالعودة لمؤسسات العمل الاجتماعي داخل حدود الدولة نفسها، وبالنظر أيضا لعادات وتقاليد مجتمعها، وعدم تطبيق رأي أفراد قليلين على وضع المجتمع ككل.

فالتقارير الدّولية المعنية بالتّنمية البّشرية أشارت إلى هشاشة، وضعف أوضاع النساء، وهو مفهوم جديد في الأدبيات الحديثة التي تعنى بشؤون الفقر، ويتصرف هذا المفهوم إلى التعبير عن جوانب عدم المساواة الاقتصادية، والاجتماعية التي قد تعانيها النساء في مختلف المجتمعات، ويبنى على طرح مواده وجوب توفير (الحقوق التعليمية، الحق في الصحة، الحق في العمل)؛ وبالتالي تحقيق رفاه اجتماعي لها في البلد الذي تعيش فيه، سواء كانت مواطنة أو مقيمة أو لاجئة.
من المهم بأي مجتمع أن يدافع عن حقوق المرأة كما جاءت في لوائح حقوق الإنسان، والمواثيق والعهود الدولية، وخلق ثقافة إنسانية عامة تؤكد حق المرأة الإنساني؛ خاصة أن وسائل الإعلام تملك إمكانيات في دعم تمكين المرأة للوصول إلى حقوقها؛ وبالتالي مساهمتها في برامج التنمية الشاملة، وكلما كانت وسائل الإعلام تلقى قبولاً من الجمهور كانت أكثر تأثيراً.

كفل الدستور القطري حقوق المرأة، وأقر مبدأ المساواة بينها وبين الرجل بما يتناسب وطبيعتها، ونصّ على حقها في التعليم، وشغل الوظائف؛ والحصول على المساعدات، والمزايا الاجتماعية؛ والصحية، وشغل الوظائف الحكومية، وضعت دولة قطر سياسات وقوانين ومبادرات خاصة لحماية المرأة، وتعزيز مكانتها، والمساواة بين الجنسين في كافة جوانب المجتمع.
لقد أولت دولة قطر اهتماماً كبيراً بقضايا المرأة؛ من خلال الخطط التنموية المتعددة، والرؤى المستقبلية الهادفة إلى زيادة مشاركة المرأة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والثقافیة وغیرها؛ إیماناً منها بأن المرأة ثروة بشرية لا غنى عنها، وهي شريكٌ رئيسٌ في عمليةِ التنمية، ولديها الكثير لتقدمه للمجتمع، وقد هيأت لها الدولة عدداً من المبادرات والبرامج الداعمة، مشيراً إلى أن دولة قطر مليئة بالفرص الواعدة، والتزامها يتطلب إجراءات تكاملية تنبع من إيمان عميق بأن الطاقات الوطنية قادرة على صناعة التغيير، واستثمار كافة الفرص، وإزالة العوائق، والعقبات التي تعترض رواد ورائدات الأعمال.

لعل أهم برامج الدعم الاجتماعي الذي تقدمه دولة قطر، جاء من خلال العمل الجاد، والرؤية الثاقبة في مؤسساتها الداخلية عبر مؤسسات (العمل الاجتماعي)، التي تعمل وفق سياسات تنفذ عن طريق برامج فعالة تخدم جميع شرائح المجتمع القطري إناثاً وذكوراً، تتكاتف المرأة والرجل في بناء لبنات أساسية تُسمى بالأُسَر، تعيش المرأة حياة مرفّهة في دولة قطر؛ لدرجة أنهُ يُنظر إليها بأنها تعيش كالأميرة يحميها الرجل، ويحافظ عليها كجوهرةٍ يحاول الحفاظ على خلودِ بريقها.
على الرغم من ذلك تتصّعد وسائل الإعلام اتهامات تصفهُ بالتمييزي، حيث ذكرت "هيومن رايتس ووتش" وهي منظمة دولية، تطالبُ بحقوق الإنسان، والدفّاع عنه من المنظمات التي أجحفت بحق المرأة في المجتمع القطري، واعتمدت في تقريرها الذي ضّم حالاتٍ فرديةٍ كلهّا تُعتبر غير واقعية، ولا تمّت للمجتمع القطري بِصلة.

تنتهك منظّمة (هيومن رايتس ووتش) بوصفها الرجل القطري بالتميزي خصوصية المجتمع القطري، وبالعودة إلى دستور دولة قطر، والقانون الدولي الذي أثبت أن لدولة قطر سيادتها واستقلالها التام، بموروثها الثقافي المُستمد من دينها الإسلامي القويم، الذي يَعتبر الرجل سنداً للمرأة، نجد أن ولايته عليها تعني أن يهتم بها، وأن يعرف مكان تواجدها، حرصاً على سلامتها، وأن يكون مسؤولاً عنها مادياً، ومن مسؤوليته التدخل في قراراتها التي قد تُشكل تأثيراً مستقبلياً على مصير حياتها.
إن ولاية الرجل تساعد المرأة في اتخاذ قرارات أساسية متعلقة بحياتها، وهو من أهم عوامل استقرارها النفسي والمادي، تستمر حياة المرأة في المجتمع القطري بتكاتفها، ومساندتها للرجل في سبيل تحقيق الأُلفة، والمودة استمراراً للحياة التي ألفتها منذ سنواتٍ عديدة في بيت أسرتها، قد تتّغير فيها الأنظمة التنفيذية لوسائل الرفاه الاجتماعي، لكن لا يعني ذلك انسلاخها عن تقاليدها، وعاداتها التي تحميها من عوامل التغير الثقافي.

تعتبر كثير من سيدات قطريات أن ما ذكر لا يمثل واقعهن الاجتماعي، وجب التوعية بأن الولاية هي جزء من حياة أي سيدة في العالم، ومن المؤسسات الاجتماعية الداعمة لوجود المرأة، والمحافظة على استقرارها النفسي والمادي (مركز وفاق)، وهو أحد المراكز التي تتبع مؤسسات العمل الاجتماعي في الدولة، وجب على منظمة العمل الإنساني أن تتعاون مع مراكز العمل الاجتماعي في الدولة بموجب الاتفاقيات المبرمة بينها وبين الأمم المتحدة، وعدم استخدام أفلام رسوم متحركة تصويرية لصوت شخصية واحدة مكّررة على جميع ما صور واقع المرأة مشوهاً، لاعتماده على شخصيات قليلة لا تمثل المجتمع القطري، ولا تمثل المرأة القطرية.
انصح منظمة هيومن رايتس المتحدثة باسم حالات من مجتمعنا القطري، لكنهن لا يمثلن واقع المرأة في المجتمع القطري أن تدعوهن للتوجه إلى مركز وفاق وهو أحد مراكز مؤسسة العمل الاجتماعي، لإيجاد حل لمشكلاتهن، وحيث المركز هو الأنسب مع المشكلات النوعية التي طرحتها المنظمة في تقريرها ذي 94 صفحة، وأن تلتزم بالميثاق الأخلاقي للمنظمات الدولية، حيث يُلزم ميثاق الأمم المتحدة كل الدول بتشجيع "الاحترام العالمي ومراعاة حقوق الإنسان" بالقيام بالأعمال التعاونية لذلك الهدف.

إنّ دور المرأة في المجتمع القطري أصبح يتسق، ويتواءم مع فكرة الدولة الحديثة، التي تولي الأهمية لفكرة التنمية المستدامة بمشاركة الشریك الفاعل وهو عنصر المرأة، ودورها الحیوي في کل المجالات، فهي الفكرة التي أسست لفكرة الدولة القانونية التي يخضع فيها الجميع تحت سقف القانون، بغض النظر عن دينهم أو جنسهم، إذ جاء الدستور القطري النابع من الدستور الإسلامي محققاً للمعايير الدولية في مجالات حقوق المرأة.
وفي الختام نقول: إنّ المرأة قديماً كانت عنصراً فاعلاً في البناء الحضاري، والیوم هي شریكة في العطاء والتنمیة، دورها لا يقل أهمية عن دور الرجل، ولا يعلو أيضاً عليه، كلاهما يسيران جنباً إلى جنب على درب النهوض والتنمية المستدامة، وکما قال الشاعر "ابن الوردی": من سار على الدرب وصل”.
فالمرأة القطریة تمتلك رؤیة وریادة في كثير من المجالات، فعندها تطلعات إنتاجية، وإبداعية في شتى ميادين الحياة، بما يعزز من صلابة البناء على أسس التنمية المستدامة، وحفظ حقوق الجنسین.


إرسال تعليق

0 تعليقات